بحـث
المواضيع الأخيرة
عيسى عليه السلام
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عيسى عليه السلام
هو السيِّد المسيح عيسى بن مريم (ع)، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل، اسمه «عيسى» ولقبه «المسيح»، ويكنى ابن مريم نسبة إلى أمّه مريم بنت عمران، لأنَّه ولد من غير أب،وقد جاء في القرآن ] ما المسيح بن مريم إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبله
الرُسل وأمّه صدّيقة...[ (المائدة:75), وفي العبرية «يشوع» ومعناه المخلّص، وفي الإنجيل يدعى «يسوع».
وهو عبد اللّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول العذراء، الطاهرة العفيفة التي أحصنت فرجها]وصدقت بكلمات ربِّها وكتبه وكانت من القانتين[ (التحريم:12).
الولادة والكفالة:
كان عمران أبو مريم رجلاً عظيماً في بني إسرائيل، وتقدّم السنّ بزوجته العاقر فلم تنجب له ولداً، فدعت اللّه إن رزقت صبياً أن تجعله وقفاً على طاعة اللّه وخدمة بيته المقدّس، فأجاب اللّه دعاءها، ورزقت بمريم(ع) التي دعت اللّه أن يحفظها ويحصّن نسلها من غواية الشيطان ] ربِّ إنّي وضعتها أنثى واللّه أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنّي سميتها مريم وإنّي أعيذك بها وذريتها من الشيطان الرجيم[ (آل عمران:136).
توفي عمران، ومريم(ع) صغيرة السن، وهي بحاجة لمن يقوم بكفالتها وتربيتها فلمّا قدّمتها أمّها إلى رعاة الهيكل اختلفوا فيمن يقوم برعايتها وألقوا على ذلك قرعة، فوقعت على زكريا وكفلها واتخذ لها محراباً لا يدخل عليه أحد سواه.
وقصة زكريا مشابهة لقصة عمران حيثُ تقدّمت به السن، وكانت زوجته عاقراً، فدعا اللّه أن يرزقها ولداً لمواصلة الدعوة التي كان يقوم بتبليغها خاصة بعد ظهور بوادر الانحلال والفساد في قومه، ولكن كيف!! وهو رجل طاعن في السن وزوجته عاقراً ] قال ربِّ أنّى يكون لي غلامٌ وكانت امرأتي عاقرٌ وقد بلغت من الكبر عتيا[ (مريم:8).ولكن اللّه استجاب دعاءه وبشره بغلام أسماه «يحيى» ] يا زكريا إنّا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا[ (مريم:7).
زكريا هذا الرّجل الصالح المؤمن باللّه وجه مريم(ع) وجهة عبادية صحيحة، واستمر في رعايته لها حتّى رأى منها شيئاً عجباً، عندما دخل
عليها وهي في المحراب، رزقاً لم يأتها به، إذ لا بُدَّ أن يكون هذا الطعام قد جاء من مصدر ما كما أشارت مريم إلى ذلك ] وكفلها زكريا كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند اللّه إنَّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب[ (آل عمران:37).
العبادة والبشارة بالمولود:
نشأت مريم في المحراب، تواظب على عبادتها وتجتهد، حتّى بلغت مبلغ النساء، فظهرت عليها آثار التُّقى والعفة والطهارة، ما جعل الملائكة تبشرها بالطهارة والصفاوة واصطفائها على نساء العالمين، وحضتها على المواظبة في عبادتها، بأن تقنت وتسجد وتركع مع الراكعين ] إذ قالت الملائكة يا مريم إنَّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين[ (آل عمران:4243) وبشرها بكلمة، ولكنَّها ليست كلمات تتكوّن من مجموعة حروف، بل هي الوجود المتفجّر بالحياة النابض بالحركة، الذي يمثِّل إرادة اللّه في التكوين المعبّر عنها لإيضاح الفكرة بالأمر الإلهي في كلمة «كن» وبذلك تتحوّل الكلمة الإرادة إلى إنسان اسمه المسيح عيسى بن مريم (ع) وكلمة المسيح فهي على الأرجح تعني مقرّبة، أي المبارك أو الملك أو ما يقرب من ذلك، كما يقول المفسِّرون، وقد جاء في قوله تعالى: ] إذ قالت الملائكة يا مريم إنَّ اللّه يُبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم[ (آل عمران:45).
كانت مريم وقفاً على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فيه، فعاشت في عزلة عن النّاس، وبينما هي كذلك جاءها جبريل (ع) متمثّلاً لها بهيئة بشر كي تستأنس به ولما رأته حسبته آدمياً يريد بها السوء، وهي العفيفة الطاهرة ] فأرسلنا إليها روحنا فيتمثّل لها بشراً سوياً[ (مريم:17) وأخذت
تبتعد عنه وهي تخشى أن يهمّ بها بسوء وهي في مكان ليس فيه منقذ أو نصير ]قالت إنّي أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً[ (مريم:18) حيثُ لم يخطر على بالها أنَّه ملاك فردّ الملاك مطمئناً ] قال إنَّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً[ (مريم:19).
وهنا فوجئت مريم(ع) وتعجبت من قول الملاك حين بشرها بالغلام، فهي امرأة بكر لم تتزوج، كبقية المتزوجات ولم يكن لها علاقة زوجية لتنجب ولداً، ولم تنحرف فهي العذراء العفيفة التي لم تدخل في عالم الآثام ] قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشرٌ ولم أكُ بغيا[ (مريم:20) وقد كان جوابه لها أنَّها إرادة اللّه ومشيئته، فهو جلّ ثناؤه لا يعجزه شيء، وإذا أراد أمراً فإنَّما يقول له كن فيكون ] قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للنّاس ورحمة منّا وكان أمراً قضيا[ (مريم:21).
حملت مريم منذ اللحظة التي نفخ فيها الملك جبريل، ما جعل التخيلات والأفكار تحوم في مخيلتها عمّا سيقوله النّاس عنها، فاضطربت وخافت على مصيرها، فمالت إلى العزلة في مكانٍ بعيد عن النّاس ] فحملته فانتبذت به مكان قصيا[ (مريم:22).
] فأجأها المخاض إلى جذع النخلة[ ، وهنا رأت أنَّها في موقفٍ صعب لا تستطيع مواجهته، فأطلقت صرخة الاستغاثة النابعة من حالة الخوف التي ملأت كيانها ووجدانها، خاصة وأنَّ النّاس لا يعرفون سرّ الإعجاز الإلهي، ما يجعلها مهدّدة في مجتمعها بسمعتها وكرامتها وموقعها وهكذا ] قالت يا ليتني متُ قبل هذا وكنت نسياً منسياً[ (مريم:23)، وكعادته نزل جبريل ليطمأنها بأنَّ اللّه وحده هو الكافل لها ولرزقها، وأشار عليها أن تهزّ بجذع النخلة التي لا ثمر فيها فيتساقط عليها رطباً شهياً، فتأكل هنيئاً، وتشرب من الجدول الذي يجري تحتها ] فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريا * وهزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً * فكلي واشربي وقرّي عيناً[ (مريم:2426).
خرجت السيِّدة مريم(ع) من عزلتها بعد الولادة، فكان خروجها بالطفل مفاجأة لكلّ من يعرف نسكها وعبادتها، فاتهموها، فاعتصمت بوصية جبريل ولزمت الصمت، وأشارت إلى وليدها الرضيع ليكلّم القوم، فاشتدّ غضبهم، ولكنَّ عيسى (ع) لجم غضبهم وكلّمهم في أمر أمّه، فبرّأها من التهمة التي ألصقت بها بقوله: ] إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً * وجعلني مباركاً أينما كنتُ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً * وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقياً * والسَّلام عليَّ يومَ ولدتُ ويوم أموت ويوم أُبعث حيّا[ (مريم:3033).
على هذه الصورة قدّم عيسى(ع) نفسه إلى النّاس الذين أنكروا على والدته أمرها، وبالرغم من ذلك فقد تمّ الاختلاف حول قصة ولادته، وفي طبيعته البشرية، وفي رسالته ] ذلك عيسى بن مريم قول الحقّ الذي فيه يمترون[ (مريم:34) فادّعى البعض بأنّ عيسى هو ابن اللّه وأنَّ اللّه اتخذه ولداً، واللّه هو الغنيّ الحميد الذي ليس بحاجة لأحد، وقد جاء في قوله تعالى: ] ما كان للّه أن يتخذ من ولد[ (المؤمنون:91).
واجه عيسى (ع) هذه الفكرة ودعا النّاس إلى عبادة اللّه وتأكيد العبودية له سبحانه وتعالى: ] وإنَّ اللّه ربّي وربّكم فاعبدوه[ فاخضعوا له، ونفذوا أوامره، وابتعدوا عن نواهيه، في كلّ جوانب الحياة من أجل إرساء أسس الحق، ومن أجل السير في الطريق القويم] هذا صراطٌ مستقيم[ (مريم:36) لأنَّه يشرّع للنّاس ما فيه صلاحهم ويُبعدهم عمّا يفسد حياتهم ويدفعهم إلى التوازن في كلّ الأمور حيث الانحراف في التصوّرات والسلوك وكلّ أنواع العلاقات في مسألة صلب المسيح فقد أخبر عنها القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهي أنَّ اللّه عزَّ وجلّ نجّى (عيسى) من كيد اليهود، ورفعه إليه حيّاً.
لقد شكّ (الحواريون) كما شكّ (اليهود) في أمر عيسى واختلفوا فيه اختلافاً كبيراً، فمن هو المصلوب يا ترى؟ أهو (عيسى) المسيح أم (يهوذا) الأسخريوطي؟ وذلك لأنَّ ذلك الخائن لما دلّهم على مكانه طلب من اليهود أن يدخل أمامهم، ولم يكن في ذلك المكان غير عيسى بن مريم(ع)، فلمّا ألقى اللّه شبهه عليه، ورفع عيسى إلى السَّماء، دخل اليهود فلم يجدوا غير إنسانٍ واحد هو (يهوذا) الذي ألقى اللّه شبه عيسى عليه فقالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وأخذوه ليصلبوه وهو يقول لهم: أنا (يهوذا) ولست عيسى فيضحكون من كلامه ويقولون: تكذب علينا أنت (يسوع) أي عيسى فصلبوه وهم في شكّ من أمره وفي اضطراب واختلاف. وقد ردَّ القرآن الكريم على اليهود في موضوع (الصلب والفداء) فقال سبحانه:] وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول اللّه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإنَّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلاَّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقيناً بل رفعه اللّه إليه وكان اللّه عزيزاً حكيماً[ (النساء:157158
).الرُسل وأمّه صدّيقة...[ (المائدة:75), وفي العبرية «يشوع» ومعناه المخلّص، وفي الإنجيل يدعى «يسوع».
وهو عبد اللّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول العذراء، الطاهرة العفيفة التي أحصنت فرجها]وصدقت بكلمات ربِّها وكتبه وكانت من القانتين[ (التحريم:12).
الولادة والكفالة:
كان عمران أبو مريم رجلاً عظيماً في بني إسرائيل، وتقدّم السنّ بزوجته العاقر فلم تنجب له ولداً، فدعت اللّه إن رزقت صبياً أن تجعله وقفاً على طاعة اللّه وخدمة بيته المقدّس، فأجاب اللّه دعاءها، ورزقت بمريم(ع) التي دعت اللّه أن يحفظها ويحصّن نسلها من غواية الشيطان ] ربِّ إنّي وضعتها أنثى واللّه أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنّي سميتها مريم وإنّي أعيذك بها وذريتها من الشيطان الرجيم[ (آل عمران:136).
توفي عمران، ومريم(ع) صغيرة السن، وهي بحاجة لمن يقوم بكفالتها وتربيتها فلمّا قدّمتها أمّها إلى رعاة الهيكل اختلفوا فيمن يقوم برعايتها وألقوا على ذلك قرعة، فوقعت على زكريا وكفلها واتخذ لها محراباً لا يدخل عليه أحد سواه.
وقصة زكريا مشابهة لقصة عمران حيثُ تقدّمت به السن، وكانت زوجته عاقراً، فدعا اللّه أن يرزقها ولداً لمواصلة الدعوة التي كان يقوم بتبليغها خاصة بعد ظهور بوادر الانحلال والفساد في قومه، ولكن كيف!! وهو رجل طاعن في السن وزوجته عاقراً ] قال ربِّ أنّى يكون لي غلامٌ وكانت امرأتي عاقرٌ وقد بلغت من الكبر عتيا[ (مريم:8).ولكن اللّه استجاب دعاءه وبشره بغلام أسماه «يحيى» ] يا زكريا إنّا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا[ (مريم:7).
زكريا هذا الرّجل الصالح المؤمن باللّه وجه مريم(ع) وجهة عبادية صحيحة، واستمر في رعايته لها حتّى رأى منها شيئاً عجباً، عندما دخل
عليها وهي في المحراب، رزقاً لم يأتها به، إذ لا بُدَّ أن يكون هذا الطعام قد جاء من مصدر ما كما أشارت مريم إلى ذلك ] وكفلها زكريا كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من عند اللّه إنَّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب[ (آل عمران:37).
العبادة والبشارة بالمولود:
نشأت مريم في المحراب، تواظب على عبادتها وتجتهد، حتّى بلغت مبلغ النساء، فظهرت عليها آثار التُّقى والعفة والطهارة، ما جعل الملائكة تبشرها بالطهارة والصفاوة واصطفائها على نساء العالمين، وحضتها على المواظبة في عبادتها، بأن تقنت وتسجد وتركع مع الراكعين ] إذ قالت الملائكة يا مريم إنَّ اللّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين[ (آل عمران:4243) وبشرها بكلمة، ولكنَّها ليست كلمات تتكوّن من مجموعة حروف، بل هي الوجود المتفجّر بالحياة النابض بالحركة، الذي يمثِّل إرادة اللّه في التكوين المعبّر عنها لإيضاح الفكرة بالأمر الإلهي في كلمة «كن» وبذلك تتحوّل الكلمة الإرادة إلى إنسان اسمه المسيح عيسى بن مريم (ع) وكلمة المسيح فهي على الأرجح تعني مقرّبة، أي المبارك أو الملك أو ما يقرب من ذلك، كما يقول المفسِّرون، وقد جاء في قوله تعالى: ] إذ قالت الملائكة يا مريم إنَّ اللّه يُبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم[ (آل عمران:45).
كانت مريم وقفاً على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فيه، فعاشت في عزلة عن النّاس، وبينما هي كذلك جاءها جبريل (ع) متمثّلاً لها بهيئة بشر كي تستأنس به ولما رأته حسبته آدمياً يريد بها السوء، وهي العفيفة الطاهرة ] فأرسلنا إليها روحنا فيتمثّل لها بشراً سوياً[ (مريم:17) وأخذت
تبتعد عنه وهي تخشى أن يهمّ بها بسوء وهي في مكان ليس فيه منقذ أو نصير ]قالت إنّي أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً[ (مريم:18) حيثُ لم يخطر على بالها أنَّه ملاك فردّ الملاك مطمئناً ] قال إنَّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً[ (مريم:19).
وهنا فوجئت مريم(ع) وتعجبت من قول الملاك حين بشرها بالغلام، فهي امرأة بكر لم تتزوج، كبقية المتزوجات ولم يكن لها علاقة زوجية لتنجب ولداً، ولم تنحرف فهي العذراء العفيفة التي لم تدخل في عالم الآثام ] قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشرٌ ولم أكُ بغيا[ (مريم:20) وقد كان جوابه لها أنَّها إرادة اللّه ومشيئته، فهو جلّ ثناؤه لا يعجزه شيء، وإذا أراد أمراً فإنَّما يقول له كن فيكون ] قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للنّاس ورحمة منّا وكان أمراً قضيا[ (مريم:21).
حملت مريم منذ اللحظة التي نفخ فيها الملك جبريل، ما جعل التخيلات والأفكار تحوم في مخيلتها عمّا سيقوله النّاس عنها، فاضطربت وخافت على مصيرها، فمالت إلى العزلة في مكانٍ بعيد عن النّاس ] فحملته فانتبذت به مكان قصيا[ (مريم:22).
] فأجأها المخاض إلى جذع النخلة[ ، وهنا رأت أنَّها في موقفٍ صعب لا تستطيع مواجهته، فأطلقت صرخة الاستغاثة النابعة من حالة الخوف التي ملأت كيانها ووجدانها، خاصة وأنَّ النّاس لا يعرفون سرّ الإعجاز الإلهي، ما يجعلها مهدّدة في مجتمعها بسمعتها وكرامتها وموقعها وهكذا ] قالت يا ليتني متُ قبل هذا وكنت نسياً منسياً[ (مريم:23)، وكعادته نزل جبريل ليطمأنها بأنَّ اللّه وحده هو الكافل لها ولرزقها، وأشار عليها أن تهزّ بجذع النخلة التي لا ثمر فيها فيتساقط عليها رطباً شهياً، فتأكل هنيئاً، وتشرب من الجدول الذي يجري تحتها ] فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريا * وهزي إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً * فكلي واشربي وقرّي عيناً[ (مريم:2426).
خرجت السيِّدة مريم(ع) من عزلتها بعد الولادة، فكان خروجها بالطفل مفاجأة لكلّ من يعرف نسكها وعبادتها، فاتهموها، فاعتصمت بوصية جبريل ولزمت الصمت، وأشارت إلى وليدها الرضيع ليكلّم القوم، فاشتدّ غضبهم، ولكنَّ عيسى (ع) لجم غضبهم وكلّمهم في أمر أمّه، فبرّأها من التهمة التي ألصقت بها بقوله: ] إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً * وجعلني مباركاً أينما كنتُ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً * وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقياً * والسَّلام عليَّ يومَ ولدتُ ويوم أموت ويوم أُبعث حيّا[ (مريم:3033).
على هذه الصورة قدّم عيسى(ع) نفسه إلى النّاس الذين أنكروا على والدته أمرها، وبالرغم من ذلك فقد تمّ الاختلاف حول قصة ولادته، وفي طبيعته البشرية، وفي رسالته ] ذلك عيسى بن مريم قول الحقّ الذي فيه يمترون[ (مريم:34) فادّعى البعض بأنّ عيسى هو ابن اللّه وأنَّ اللّه اتخذه ولداً، واللّه هو الغنيّ الحميد الذي ليس بحاجة لأحد، وقد جاء في قوله تعالى: ] ما كان للّه أن يتخذ من ولد[ (المؤمنون:91).
واجه عيسى (ع) هذه الفكرة ودعا النّاس إلى عبادة اللّه وتأكيد العبودية له سبحانه وتعالى: ] وإنَّ اللّه ربّي وربّكم فاعبدوه[ فاخضعوا له، ونفذوا أوامره، وابتعدوا عن نواهيه، في كلّ جوانب الحياة من أجل إرساء أسس الحق، ومن أجل السير في الطريق القويم] هذا صراطٌ مستقيم[ (مريم:36) لأنَّه يشرّع للنّاس ما فيه صلاحهم ويُبعدهم عمّا يفسد حياتهم ويدفعهم إلى التوازن في كلّ الأمور حيث الانحراف في التصوّرات والسلوك وكلّ أنواع العلاقات في مسألة صلب المسيح فقد أخبر عنها القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهي أنَّ اللّه عزَّ وجلّ نجّى (عيسى) من كيد اليهود، ورفعه إليه حيّاً.
لقد شكّ (الحواريون) كما شكّ (اليهود) في أمر عيسى واختلفوا فيه اختلافاً كبيراً، فمن هو المصلوب يا ترى؟ أهو (عيسى) المسيح أم (يهوذا) الأسخريوطي؟ وذلك لأنَّ ذلك الخائن لما دلّهم على مكانه طلب من اليهود أن يدخل أمامهم، ولم يكن في ذلك المكان غير عيسى بن مريم(ع)، فلمّا ألقى اللّه شبهه عليه، ورفع عيسى إلى السَّماء، دخل اليهود فلم يجدوا غير إنسانٍ واحد هو (يهوذا) الذي ألقى اللّه شبه عيسى عليه فقالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ وأخذوه ليصلبوه وهو يقول لهم: أنا (يهوذا) ولست عيسى فيضحكون من كلامه ويقولون: تكذب علينا أنت (يسوع) أي عيسى فصلبوه وهم في شكّ من أمره وفي اضطراب واختلاف. وقد ردَّ القرآن الكريم على اليهود في موضوع (الصلب والفداء) فقال سبحانه:] وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول اللّه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإنَّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلاَّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقيناً بل رفعه اللّه إليه وكان اللّه عزيزاً حكيماً[ (النساء:157158
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة فبراير 13, 2009 11:48 am من طرف مش انا
» مين تتوقع بعدك!!
الجمعة فبراير 13, 2009 11:42 am من طرف مش انا
» ارمي عضو من فوق الســـــطح
الجمعة فبراير 13, 2009 11:33 am من طرف مش انا
» تسالى (الاسم دا يقربلك ايه؟)
الجمعة فبراير 13, 2009 11:31 am من طرف مش انا
» انا عضو جديد ارجو الترحييييييييييييييييييييب
الجمعة فبراير 13, 2009 11:13 am من طرف مش انا
» عايزين نرحب بمصطفى يا جماعة
الجمعة فبراير 13, 2009 11:07 am من طرف مش انا
» كلمات هامة
الجمعة فبراير 13, 2009 11:03 am من طرف مش انا
» هدية المنتدى الجميل دة
الجمعة فبراير 13, 2009 10:49 am من طرف مش انا
» ازياء بناتى جمييييلة
الجمعة فبراير 13, 2009 10:35 am من طرف مش انا